تحليل قصيدة الشاعر العباسي صالح بن عبد القدوس
أمامنا سفر طويل
البحر العروضي : مجزوء الكامل : متفاعلن متفاعلن
من بداية القصيدة يتراءى لنا أن الشاعر ساخط على المجتمع الذي ينتمي إليه فهو ينظر إليه من زاوية تشاؤمية وحالة يأس محبطة ، فبدا لنا بالشاعر الحكيم الزاهد ، فهؤلاء الأشخاص فئة نتنة تستبدل الحسن بالقبح ، والحق بالباطل ، ويلوم النفس الطيبة كيف تستطيع العيش وسط هذا العالم العفن.
والمعروف أن الشاعر عاش في فترة اضطرابات سياسية ، وتفشي الفساد بشكل كبير في تلك الفترة ، ومن المؤكد أن ذلك كان له كل الأثر على نفسية الشاعر المضطربة ، فهو يترجم أحاسيسه بما شاهده من نفاق وخيانة وفساد وقتل... فالأولى بنا الحزن الذي أصبح كالرداء أو اتباع هؤلاء الرعاع أو الفاسدين أو حتى قتل الحب في الصدور ، فحياتنا سفر طويل حتى نموت فيأتي السكن والحساب من رب العالمين فمصيرنا الجنة أو جهنم ، فلم التلون والخداع ولم النفاق والقتل طالما مصيرنا الموت ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أننا ننفي صفة الزندقة عن الشاعر صالح بن عبد القدوس من خلاله شعره الذي يتصف بالحكمة والزهد ونبذ الخلافات والنفاق والإيمان بالبعث والجنة والنار ، وفي اعتقادي أن اتهامه بالزندقة والكفر ، وشاية من أعدائه ، وقتله على يد الخليفة العباسي لمجرد بيت قاله شيء بشع ومريب.
ومن سمات الشاعر الفنية الحكمة والموعظة ، والسلاسة والوضوح ، والاهتمام بالمحسنات البديعية دون غلو أو إسراف مثل : القبح والحسن ، والأمانة والخيانة ، وتجنب التعقيد ، ومن السمات الفنية أيضا رقة وعذوبة موسيقاه الشعرية ، ويمثل حرف النون الساكن عند الشاعر الحالة النفسية اليائسة ، والشؤم من هؤلاء الرعاع المنافقين ، والسمو عن هذه الصفات.